-
مدخـــــــل:
إن
الإدارة باعتبارها أحد أوجه التعاون الإنساني, تعتبر أقدم الممارسات الإنسانية على
الإطلاق, و يكفي للدلالة على ذلك القول بأن الفرد في حياته اليومية العادية يمارس
عملا إداريا حتى دون أن يشعر , و يحدث ذلك عندما يفاضل بين بدائل سلوكه اليومي, و
عندما يوازن نفقاته أو عندما يصدر توجيهاته لأفراد أسرته و غيره من الأعمال.
و مع
كبر حجم المجتمعات و كثرة المنظمات فيها ظهرت الحاجة الملحة إلى بروز علم إدارة
الأعمال الذي حمل عدة أجوبة لأسئلة كثيرة كانت تعيق تطور هذه المجتمعات.
و
العمليات الإدارية تقوم على تبادل البيانات و المعلومات و من ناحية أخرى فان
المدير كقائد في عمله يحتاج لكي يحقق أهداف المنظمة إلى التوجيه, و كذلك يحتاج إلى
أن يفهم العاملين معه و يوجه سلوكهم بشكل يضمن عدم تعارض هذا السلوك مع الأهداف
التنظيمية على الأقل, و كل هذا يحتاج إلى الاتصال بهم باستمرار لتوجيههم و تنظيم
أعمالهم و متابعتها.
فمن
واجبات الإدارة أن تعمل على خلق المناخ السليم للاتصال الفعال, و ذلك بوضع سياسة
واضحة للاتصال تعمل على تحقيق الأهداف التنظيمية و إشباع الحاجات البشرية, حتى
يكون الأفراد على علم تام بنشاط المنظمة و أهدافها و خططها و برامجها و العوامل
السياسية و الاقتصادية التي تحملها, و حتى يكون لديهم القدرة على تحقيق أهداف
سياسة الاتصال بفاعلية و نجاح.
إن
أهمية الاتصال في المنظمة و ضرورة تنفيذ سياسة له على نطاق واسع بها, و ما يتطلبه
ذلك من مهارات و خصائص فنية عند وضع أنظمة و تحديد وسائله و تحرير رسائله و
إخراجها بالشكل المقنع, تكمن في تحقيق التنسيق بين الإدارات و الأقسام المختلفة في
المنظمة و ربط المنظمة بالمجتمع الذي تعيش فيه.
و
تشكل القيادة محورا مهما ترتكز عليه مختلف النشاطات في المنظمات العامــــــة و
الخاصة على حد سواء, و في ظل تنامي المنظمات و كبر حجمها و تشعب أعمالهــــــــــا
و تعقدها و تنوع العلاقات الداخلية و تشابكها و تأثرها بالبيئة الخارجية, لهي أمور
تستدعي مواصلة البحث و الاستمرار في إيجاد مناخ مواتي و توفير كل الظروف للوصول
إلى الأهداف المسطرة و هذه مهمة لا تتحقق إلا في ظل قيادة واعية.
إذن
فالمعلومات و البيانات هي القلب النابض للعملية الإدارية و هي جوهر عمل القائد الإداري
في المنظمة, و بقدر ما تكون هذه المعلومات و البيانات دقيقة و صحيحة بقدر ما تكون
قدرات المدير فعالة, و نظرا لأهمية لاتصالات في تصريف شؤون الإدارة, فهناك ضرورة
قصوى لتنظيمها, و تحقيق فاعليتها, بحيث تنساب المعلومات و البيانات في حركة مستمرة
بين مستويات التنظيم المختلفة لما فيه خير المنظمة و تحقيق أهدافها.
كما
يجب أيضا تقصي مشكلات الاتصال و معوقاته في مواقع التنفيذ, و الوقوف على نقاط
الضعف في وسائل خطوط الاتصال, و التقدم بالاقتراحات للتغلب عليها و تقويم النتائج,
فعدم تشبع العامل بالمعلومات الكافية و انعدام أو سوء الاتصالات بين العمال من جهة
و بين العمال و الإدارة من جهة أخرى لا يسمح للعامل بالتعبير عن آرائه و اتجاهاته
و مواقفه و كذا اطلاعه على التسيير الحقيقي للمؤسسة التي يعمل بها, و عادة ما تؤدي
هذه الظاهرة بالعامل إلى الشعور بالملل و كثرة التغيب و افتقاد روح الانتماء
للمؤسسة و مشاكل و صعوبة الاتصالات في المؤسسة لعدة عوامل – منها المادية و النفسيــة
و الاجتماعـــــية و التنظيمية- التي تفرض تأثيراتها إما إيجابا أو سلبا على السير
الحسن للمؤسسة و مدى تحقيقها لأهدافها, و سنتطرق من خلال دراستنا هذه إلى دور أو
تأثير نمط القيادة المتبع في المنظمة على الاتصال فيها.
-
الإشكالية
المطروحة:
إن
الكثير من مشاكل الاتصال تحدث إما عن قصد أو عن غير قصد, و من أهم هذه المشاكل
مشكلة الاتصال و علاقته بالقيادة التي تعتبر نواة موضوع دراستنا, فعامل القيادة أو
امتلاك السلطة يعتبر مظهر من مظاهر التنظيم و العلاقات و مركزا للاتصال فهو يؤثر
على سلوك و اتجاهات المرؤوسين, و تأثيره على رضا العاملين , و من هذا المنطلق ,
تأتي دراسة هذا الموضوع لتصب في مجال الإجابة على الإشكالية التالية:
إلى
أي مدى يؤثر الاتصال في نوعية القيادة؟ و
ما هو نمط القيادة الأكثر ملائمة للاتصال الحديث ؟
-
الفرضيات:
يحدد
الاتصال المعتمد في القيادة أهم الصعوبات في تطبيق النمط القيادي الديمقراطي, حيث
ترتبط نوعية الاتصال المعتمد بنوع القيادة الممارس فيها و ما يشكله محيط المؤسسة
من عائق لاعتماد النمط الديمقراطي المشارك.
-
أسباب
اختيار الموضوع:
ينبـــع
اهتمامنـا بالموضوع من الاهتمام الكبير الذي حظيت به العلاقات الإنسانيـــة و سلوك
الفرد في المؤسسة خلال القرن العشرين من خلال تطور الفكر الإداري, الذي أدى إلى
بروز دور الاتصالات في المؤسسة و تعاظمه حيث أضحت فعالية الاتصالات تمثل الفرق بين
الفشل و النجاح.
و
هناك عدة أسباب أخرى دفعتنا لاختيار هذا الموضوع بالذات نوردها فيما يلي:
o إهمال دور العنصر البشري و العوامل النفسية في
المنظمات.
o تفشي الصراعات و النزاعات بين العمال و
الإدارات لانعدام أو عدم فعالية الاتصالات.
o الاهتمام بالعلاقات السائدة بين العمال و الإدارة.
o كطلبة إدارة الأعمال.
-
أهـــداف
الدراسة:
إن
الغرض من اختيارنا لهذا الموضوع عبارة عن محاولة الوصول إلى الأهداف التالية:
o إبراز أهمية الاتصال و دور القائد في عملية
النمو في المؤسسة .
o ربط نوعية الاتصال في المؤسسة بالنمط القيادي.
o التحكم في أساليب القيادة و الاتصال.
o المساهمة في إثراء المكتبة الجامعية .
-
المنهاج
و أدوات التحليل:
اعتمدنا
في هذه الدراسة على تحليل النظريات التي جاءت في دراسة موضوع القيادة, لذلك جاءت
خطة البحث كما يلي:
ينقسم
هذا البحث إلى ثلاثة فصول, يتناول الفصل الأول الإسهامات النظرية في القيادة, حيث
تطرقنا فيه إلى مفهوم القيادة و مقوماتها, ثم أشرنا إلى نظرة المدارس الإدارية و
التنظيمية للقيادة, و كذا تحديد مختلف الأنماط القيادية و في الأخير تعرضنا لمختلف
نظريات القيادة.
و
يعالج الفصل الثاني موضوع الاتصالات في المنظمة انطلاقا من تحديد مفهوم الاتصال
(تعريفه, عناصره و أهميته) ثم التطرق إلى تطور هذا المفهوم عبر مختلف المدارس
الادارية و كذا سرد نظريات الاتصال, ثم وسائل و أنواع الاتصال و كذا تحديد شبكــات
و مختلف معوقاتـــه, و أشرنا في الأخير إلى علاقة الاتصــــــال بالنمط القيــادي
و شخصية القائد و كيفية بناء مهاراته القيادية.
أما
الفصل الثالث الذي أردناه أن يكون فصلا تطبيقيا إلا أن مجهوداتنا باءت بالفشل
فارتأينا إلى أن نتطرق فيه – الفصل الثالث
– لدراسة بعض النماذج القيادية العالمية من خلال إلقاء الضوء على بعض التجارب الرائدة
في هذا المجال و وقع اختيارنا على الدول التالية: اليابان, الولايات المتحدة
الأمريكية, فرنسا, كما تطرقنا إلى تجارب دول عربية نذكر منها : تونس, الجزائر,
لبنان, العراق, كما قمنا بوضع نظرة تقويمية لهذه التجــارب و أخيرا خلصنا إلى حل
أمثل لإعداد القيادات و تنميتها من خلال النموذج المتكامل و نجد فيه السبيل إلى
تنمية القيادات و من الذي يتولى ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق